Thursday, October 8, 2020

التعصب المذهبي في عصر ثورة المعلومات

 مع ظهور الانترنت وما حققه من سهولة التواصل بين الناس عبر العالم وما أدى إليه ذلك من توفر المحتوى العلمي والدراسات وإمكانية الطرح الحر للأفكار والآراء وإتاحة مناقشتها للجميع، كل ذلك أدى إلى ضعف قبضة السلطة الدينية على العقول ولم تعد المعرفة الدينية تلقينيه كما في السابق حين كان الوصول إلى العلم والمعرفة محاطا برقابة السلطة الدينية السائدة والأحادية في الرأي.


في الماضي لم تكن الكتب ووسائل المعرفة متوفرة إلا لقلة من الناس، وحتى أولئك القلة كانوا يحوزون على الكتب ذات التوجه المذهبي المغلق فقط، أما ما يخالفها فكان شبه ممنوع من التداول إلا لغرض تفنيده ومحاربته، أما في الوقت الحاضر وفي ظل الانفتاح الرقمي وانتشار المنتديات ومنصات الحوار الفكري، لم تعد السلطة الدينية تمتلك نفس القبضة القوية على عقول وأفكار الناس كما في الماضي.


نتيجة لكل ذلك، نجد أن الناس والقراء والباحثين أصبحوا أكثر ميلا لتقبل اختلاف الآراء وأكثر استعدادا لتقبل الحقائق المبنية على الحجج العقلية عوضا عن أخذ القوالب الجاهزة للتفكير.


ومنذ بداية الألفية الثالثة ظهر مفكرون كثيرون خرجوا عن الأطر المذهبية الضيقة وبرزت تيارات فكرية تنادي بأهمية التعدد وتدعو إلى قبول الاختلاف وتقوم بالتنظير لأسس نقد المناهج الدينية وأخذت زمام المبادرة من أجل نشر ثقافة التعدد الفكري وحرية العقائد وإضعاف روح التعصب الديني والمذهبي.



كورونا و الموت الأسود

 نُشِر كتاب (الموت الأسود) للمؤلف جوزيف بيرن عام ٢٠٠٤، ولا يملك القارئ حين يطالعه إلا أن يتعجب وهو يقارن بين ما يصفه الكتاب إبان انتشار الطاعون قبل ٥ قرون وما يحدث الآن وقت اجتياح وباء كورونا، وسنستعرض لكم بعض ما ذكر:

  • رغم أن كثيراً من أساليب الوقاية كانت بدائية أو خرافية كحرق البارود وتدخين التبغ، إلا أن العزل أو التباعد المجتمعي بالاصطلاح المعاصر كان رغم ندرته حاضراً في زمن تفشي الطاعون، حيث يحكي الكتاب عن بَقّال حبسَ نفسه وزوجته وبناته الثلاث في منزلهم وكان قد خزّن مؤناً وافرة من الطعام والشراب، رغم عدم وجود إحصائيات ورسوم بيانية بالمعنى العلمي الحديث إلا أن البقال استند إلى كشوف الوفيات وما أشارت إليه من تحركات جغرافية للعدوى ثم قرر الانتقال إلى احدى الضواحي المعافاة من المرض.
  • أحد أساليب الردع لمخالفي العزل التي رأينا بعض الدول تطبقها بصرامة هو أسلوب الضرب بالعصي، وينقل لنا الكاتب ما أقره البرلمان بإنجلترا عام ١٦٠٤م (يمكن جلد الشخص المعافى الذي وُجد في الخارج بصورة غير شرعية)
  • وبخصوص الغذاء المجاني الذي توفره الدولة حالياً للمناطق المنكوبة نجد وصفاً مشابهاً (اشتكى عمدة ليستر إلى إيرل من أن الأموال المخصصة لدعم الفقراء المحبوسين لا تأتي بسهولة وأن نفقات الطاعون ارتفعت إلى ٥٠٠ جنيه).
  • في الصفحة ٢٤٥ (أضعف الموتُ والفِرارُ الحكوماتِ المحليةَ.. شغرت الوظائف وتوقفَ جمعُ الضرائب ولم تُحفظ السجلات وتوقف استخدام الموظفين ودفعُ الرواتب).

 السلع والأشخاص المشتبه بأنهم يحملون الطاعون يتم وضعهم في محاجر خاصة وقد أسميت كرنتينا Quarantine  لأنها تفرض عزلاً لمدة 40 يوماً Quaranta”